مدة المسح على الخفين للمسافر. مدة المسح على الخفين للمسافر

الأصل في ذلك الخف، فما كان من جورب يأخذ صفات الخف -ولو من غير الجلد- يمسح عليه، سواء أكان من الصوف أو من الشعر أو من القطن، بل حتى قال في وصف الخف: ولا يشترط فيه أن يكون ساتراً للبشرة، كما لو كان من زجاج مثلاً، فالزجاج يكون متيناً ويكشف ما تحته، فإذا كان نوع الخف كما هو الحال الآن من النايلون أو البلاستيك، وبعضهم قال: ولو كان من الخشب، الخشب لا يكشف ما تحته، ولكن يقولون: في عموم ما يلبس ويأخذ صفات الخف من أن صفاقته تمنع نشع الماء من خلاله إلى القدم؛ لأنه إذا كان خفيفاً رقيقاً شفافاً يوصل الماء إلى ما تحته ماذا أنت مسحت على الجورب، فعندها سيصل الماء إلى القدم، فتكون قد مسحت القدم، فإذا كان جاء الحكم إلى القدم فالقدم حكمها الغسل، وأنت هنا لم تغسل القدم وإنما مسحت الجورب، ولكن تعدى المسح إلى القدم، والقدم من حكمها الغسل، ولهذا يقال: جميع أنواع الأحذية التي يرتفع ساقها إلى ما فوق الكعبين -وهو موضع غسل القدمين في الوضوء- وكان صفيقاً متيناً جاز المسح عليه أياً كان نوعه، ولو قدِّر أن هناك لفافات متينة من الورق على شكل طبقات بعضها فوق بعض فإنه يجوز المسح عليها، أما إذا كان خفيفاً كبعض الجوارب الموجودة الآن، والتي يلبسها الناس في الصيف، بعضها يكون مخرقاً كالشبكة، وبعضها يكون رقيقاً جداً بحيث يكشف عما تحته، ولا يمنع من وصول الماء إلى القدم، فهذا ينبغي إلا يعول عليه، ولا يمسح عليه، والله تعالى أعلم والعاصي بسفره وليس في سفره بمعنى من أنشأ السفر للقتل أو للسرقة أو لشرب الخمر فليس له رخصة المسافر فيمسح يوم وليلة كالمقيم
، واختاره ابنُ حَزمٍ قال ابن حزم: ومَن مسح في الحَضَرِ ثم سافر- قبل انقضاء اليوم واللَّيلة أو بعد انقضائِهما- مسحَ أيضًا حتى يتمَّ لمسحِه في كلِّ ما مسَحَ في حَضَره وسَفَره معًا ثلاثةُ أيَّامٍ بلياليها إذاً: النوم بذاته ليس حدثاً، ولكنه مظنة الحدث وهو لا يدري، ولغلبة الظن على وجود الحدث عند النوم فقد اعتبر النوم هو الناقض، ولذا من نام مضطجعاً فعليه الوضوء

.

1
احكام المسح على الخفين
يعتبر المسح على الخفيـن من الرخص والصلاحيات التي أعطاها الله تعالى لعباده المسلمين للتيسير عليهم عند الوضوء للصلاة حال انتقاض هذا الوضوء لأي حدث صغير كان، وللمسح على الخفين شروط وأحوال وظروف متعددة واختلف فيها العلماء كثيرًا إلا أن الجميع اتفق على مدى أهميتها لراحة المسلمين والتيسير عليهم لا سيَّما المسافرين أو حتى كبار السن المقيمين، ويعتبر أهل السنة والجماعة على اختلاف طوائفهم ومذاهبهم مؤيدون لهذا الأمر، ولكن يرفضه فقط الخوارج والمبتدعون والرافضة وغيرهم، وقد حدد رسولنا الكريم مدة المسـح على الخفين بثلاثة أيام بلياليهن للشخص المسافر، ويوم واحد بليلته للمقيم، بشرط ألا يتعرض الإنسان لأي شيء يبطل هذا الأمر مثل الحدث الأكبر من جنابة أو طمث ونفاس، وهي أمور تستدعي الطهر الكامل وبالتالي خلع الخفين، كما أن خلع الخفين يعتبر أحد أهم البنود المبطلة لاستمرار رخصة المسح عليهما
المسح على الخفين للمسافر والمقيم
من أخرج هذا الحديث؟ أبو داود ، وهو ناقد، فماذا قال عنه؟ ليس بالقوي
مدة المسح على الجوربين للمسافر
روى مسلم 276 عَنْ شُرَيْحِ بْنِ هَانِئٍ قَالَ : أَتَيْتُ عَائِشَةَ أَسْأَلُهَا عَنْ الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ ، فَقَالَتْ : عَلَيْكَ بِابْنِ أَبِي طَالِبٍ فَسَلْهُ فَإِنَّهُ كَانَ يُسَافِرُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَسَأَلْنَاهُ فَقَالَ : جَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ وَلَيَالِيَهُنَّ لِلْمُسَافِرِ ، وَيَوْمًا وَلَيْلَةً لِلْمُقِيمِ
وهناك من يقول: يغسل قدميه فقط، ولكن الجمهور على أن الطهارة لا تتجزأ، فعليه أن يستأنف وضوءاً من جديد وهذا يشمل المسح سواء كان في مدة السفر أو في مدة الحضر، ولو توضأ ولبس الخف -وقد أشرنا إلى ذلك فيما سبق- وقبل أن يحدث خلع الخفين، ثم لبسهما مرة أخرى قبل أن يحدث، فهل يمسح عليهما أم لا؟ يمسح؛ لأنه أدخلهما طاهرتين، فلو توضأ لصلاة المغرب وصلى بوضوء المغرب العشاء وغسل القدمين عند وضوئه للمغرب، وذهب إلى المسجد وصلى العشاء، فلما دخل البيت لبس الخفين -خوفاً من البرد عند صلاة الصبح- وهو على طهره من المغرب، فلبس الخفين بعد صلاة العشاء، فهل هذا اللبس صحيح أم باطل؟ صحيح؛ لأنه أدخلهما طاهرتين، فإذا جاء الصباح وانتقض الوضوء بالنوم أو بغيره يمسح على الخفين؛ لأنه أدخلهما طاهرتين، إذاً: ليس بشرط أن يكون لبس الخفين عقب غسل القدمين في الحال، فما دام على طهره الأول ولو طال الزمن ولبس الخفين وأدخلهما طاهرتين، فله أن يمسح عليهما
يُشترط للمسح على الخفَّيْن أربعة شروط : الشرط الأول : أنْ يكون لابساً لهما على طهارة ودليل ذلك قوله صلَّى الله عليه وسلم للمغيرة بن شعبة : دعْهما فإنِّي أدخَلتُهما طاهرتَيْن فإن قيل: هو لم ينتقض وضوءه

وهنا قال: بعث سرية ؛ لأن السرية تنبعث بنفسها، والسرية في الاصطلاح قالوا: ما دون الأربعين، وقالوا: بل كل جمع خرج لقتال ليس فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم يسمى سرية، وكل جمع خرج فيه رسول الله يسمى غزوة، ولو كان الرجال عشرة أشخاص ومعهم رسول الله تسمى غزوة، هذا اصطلاح تاريخي في السيرة، والرسول صلى الله عليه وسلم كان يبعث بالسرايا، وقبل أن يخرج إلى بدر بعث عدة سرايا إلى سيْف البحر، وكان فيها حمزة عم رسول الله صلى الله عليه وسلم و عبد الله و عكاشة بن محصن وغيرهم، فكان يرسل السرايا في اتجاهات معينة إما للاستطلاع، وإما لأنه يكون قد بلغه خبر عن جماعات يتأهبون لغزو المدينة، فيرسل إليهم سرية تعاجلهم في مكانهم.

مسح ثلاثة أيام وهو مقيم فهل يعيد صلاة يومين ؟
ثالثا : اختار جمع من أهل العلم ، منهم ابن حزم وشيخ الإسلام ابن تيمية رحمهما الله أن الطهارة لا تنتقض بانتهاء مدة المسح ، لعدم الدليل على ذلك ، وإنما تنتقض الطهارة بالنواقض المعروفة كخروج الحدث
مسح ثلاثة أيام وهو مقيم فهل يعيد صلاة يومين ؟
حديث ثوبان رضي الله تعالى عنه يخبرنا أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث سرية، بعث مادة تتعدى بنفسها، وتتعدى بالحرف، فنقول: بعث بهدية بعث بخطاب بعث زيداً
التفريغ النصي
الشيخ الأمين رحمه الله يقول: هذا تخريج، ولكن الجمع هو أن تحمل الموضوع بالنصّين وتجمع بينهما دون مغايرة لهذا النص أو لذاك النص، كما لو جاء نص مطلق ونص مقيّد، فيحمل المطلق على المقيّد، مثل عتق الرقبة؛ فقد جاء مرة مطلقاً بدون قيد الإيمان، وجاء مرة رقبة مؤمنة ، فحملنا المطلق على المقيد، وهنا يقول: لا يتأتى الجمع؛ لأن أحاديث التوقيت في السفر وفي الحضر تحدد مدة معينة، وحديث: وما شئت يقتضي الزيادة، والمعارضة بين الزيادة وعدم الزيادة تناقض، والمتناقضان لا يُجمع بينهما، والعلماء يقولون: إذا اختلف نصان؛ فإما أن يُعرف التاريخ فيكون المتأخر ناسخاً للمتقدم، وإما أنه لا يعرف ويمكن الجمع بينهما، كما جاء -مثلاً- في صلاة النبي صلى الله عليه وسلم في الكعبة، فجاءت نصوص بأنه قد دخل وصلى، وجاءت نصوص بأنه دخل ولم يصل، فجمعوا بين النصين، وقالوا: إنه دخل الكعبة مرتين؛ مرة في فتح مكة، ومرة في حجة الوداع، فيكون الذي ذكر أنه صلى في إحدى الدخلتين، والذي ذكر أنه لم يصل يكون في الدخلة الأخرى، وليس هناك تعارض، وبهذا جمع بين النصين؛ لأن النافي والمثبت لم يذكر زمن الصلاة أو زمن عدمها، ولصحة التعارض ينبغي أن يتفق التعارض في الزمان وفي المكان وفي الفاعل، فإذاً: أمكن الجمع، فمن قال إنه لم يصل كان صادقاً؛ لأنه في هذه المرة لم يصل، ومن قال: إنه صلى كان صادقاً؛ لأنه صلى في المرة الأخرى، ولا تعارض بينهما فإذا لم يمكن الجمع كان المصير إلى الترجيح، فأي النصوص أرجح، نصوص التوقيت، أم نصوص الإطلاق؟ يقول شيخنا رحمة الله تعالى علينا وعليه: والأرجح الذي تطمئن إليه النفس إنما هو ترجيح نصوص التوقيت؛ لأنه أحوط في العبادة؛ ولأن رواته أوثق من رواة الإطلاق، ولأن رواته أكثر عدداً من رواة الإطلاق
أو نحو ذلك، لكن في الاصطلاح: هي ما يعصب بها الرأس، ومنه سميت العصابة، فكل ما يوضع على الرأس لمصلحتها يسمى عصابة، ومنه العمامة؛ لأنها تعصّب الرأس وتدور حولها، فقالوا: كل ما تعمم به الإنسان وأداره على رأسه يصدق عليه اسم العمامة، فأمرهم وأصل الأمر للوجوب، ولكن أمر هنا بمعنى رخّص وأجاز؛ لأن المسح على هذه الأماكن ليس واجباً، كما سيأتي قوله: رخّص ، وقوله: إن شئت إذاً: تتعارض النصوص في توقيت مدة المسح سفراً وحضراً، وفي عدم التوقيت، فـ مالك أخذ بعدم التوقيت في رواية عنه، والجمهور أخذوا بأحاديث التوقيت، وقالوا: من لبس الخفين ومسح عليهما فليلتزم بالتوقيت فإن كان مسافراً ثلاثة أيام بلياليهن، وإن كان مقيماً يوماً وليلة، فإن أراد أن يمسح نزع وتوضأ فغسل، ثم لبس واستمر في المسح ولو عشر سنين

ويحتمل أنه قال: وما شئت من اليوم واليومين والثلاثة، ويحتمل أنه يمسح ما شاء إذا نزعها عند انتهاء مدته، ثم لبسها.

12
هل يجوز المسح على الخفين لمدة طويلة بسبب المرض
ثانيًا: من الآثار قال ابن حزم: لا يصحُّ خلافُ التَّوقيتِ عن أحدٍ مِن الصَّحابة إلَّا عن ابنِ عُمَرَ فقط؛ فإنَّنا رُوِّينا من طريق هشام بن حسان عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر: "أنَّه كان لا يوقِّتُ في المسح على الخفَّين شيئًا"، وهذا لا حُجَّة فيه؛ لأنَّ ابن عمر لم يكُن عنده المسحُ ولا عرَفَه، بل أنكَرَه حتى أعْلَمَه به سعدٌ بالكوفةِ، ثم أبوه بالمدينةِ في خِلافَتِه، فلم يكُن في عِلم المَسحِ كَغَيره، وعلى ذلك فقد رُوِيَ عنه التوقيتُ، رُوِّينا من طريق حمَّاد بن زيد عن محمَّد بن عُبَيد الله العرزميِّ، عن نافع، عن ابن عمر قال: "أين السَّائلونَ عن المَسحِ على الخفَّين؟ للمسافِرِ ثلاثًا، وللمُقيم يومًا وليلة"
مسح ثلاثة أيام وهو مقيم فهل يعيد صلاة يومين ؟
إذاً: صلاته غير صحيحة ومختلف فيها عند الآخرين، والواجب على الإنسان أن يترك المختلف فيه، وأقل ما فيه: دع ما يريبك إلى ما لا يريبك
علي جمعة: المسح على الجورب يوم وليلة للمقيم و3 أيام للمسافر
مسألة: هل انتهاء مدة المسح ناقض للوضوء؟ إذا اعتبرنا بداية اليوم والليلة من بعد العصر، له أن يمسح إلى أن يأتي الظهر من اليوم التالي، أو إلى قبيل العصر للنوافل، فلو مسح قبل العصر وقبل إتمام الأربع والعشرين ساعة، فبعد العصر يكون خرج عن المدة أم لا؟ خرج