رابعا: الإجابة عن الاعتراضات: هذا وبعد اطّلاعي على كلام المخالفين لهذه الفتوى، فإنّي وجدت أكثرهم يستدلّ بالأصل، كما أنّهم أثاروا اعتراضَين اثنين: الاعتراض الأوّل: أنّها بدعة: وهذا رغم انتشاره انتشارا واسعا في مواقع التّواصل، إلاّ أنّي لم أجد قائلا به ممّن يعتبر قوله، وهذا كاف في ردّه | ولم يأمرهم أنس بإعادة الصلاة فدل هذا على أنّ التّراصَّ ليس من الواجبات، وتركه ليس مما يؤثر على صحة الصلاة، كما هو مذهب جماهير أهل العلم من السلف والخلف، وهو قول الأئمة الأربعة، وإنما قال بوجوبه ابن حزم الظاهري وقد خالفه علماء الشريعة |
---|---|
ومن تسوية الصفوف التقارب فيما بينها وكذا التقارب بينها وبين الإمام ، قال بن عثيمين ونحن نري في بعض المساجد أن بين الإمام وبين الصف الأول ما يتسع لصف أو صفين أي أن الإمام يتقدم كثيرا وهذا فيما أظن صادر عن الجهل فالسنة للإمام أن يكون قريبا من المأمومين | وفي "الصحيحين" عن أَنس بن مالك رضي الله عنه قال: أُقيمت الصلاة فأَقبل علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "أَقيموا صفوفكم وتراصوا"، وعن النعمان بن بشير رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسوي صفوفنا حتى كأَنما يسوي بها القداح حتى رآنا أَنا قد عقلنا عنه ثم خرج يوما فقام حتى كاد يكبر فرأى رجلاً بادياً صدره من الصف فقال: "عباد الله لتسونَّ صفوفكم أَو ليخالفن بين وجوهكم" أَي بين قلوبكم كما في رواية لأَبي داود |
واستدلُّوا لذلك : بأمْرِ النبي صلى الله عليه وسلم به ، وتوعُّدِه على مخالفته ، وشيء يأتي الأمرُ به ، ويُتوعَّد على مخالفته لا يمكن أن يُقال : إنه سُنَّة فقط.
24وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله | وهذا الفعل لا أصل له في تسوية الصفوف، وفيه أخطاء عديدة: الأول: أن فيه اشتغالاً؛ فيه اشتغال بما لم يشرع، وإكثار من الحركة، واهتمام بعد القيام لملأ الفراغ، وفيه إشغال للجار بملاحقة قدمه |
---|---|
وقد أوضح الشيخ الدكتور سعد الشثري -عضو هيئة كبار العلماء- أن التباعد بين المصلين لا يؤثر على صحة الصلاة؛ لأنه من الإجراءات الاحترازية التي تُحمى بها النفوس ويوقف انتشار المرض، حيث قال: "إن اتخاذ الإجراءات الاحترازية التي تُحمى بها النفوس ويوقف بها انتشار المرض من القربات التي يتقرب بها إلى الله عز وجل | وكيف لصفٍّ تسللت بين أفراده الشياطين أن يخشع؟! ثالثًا: إكمالَ الأول فالأول ، فإنَّ هذا مِن استواءِ الصُّفوف ، فلا يُشرع في الصَّفِّ الثاني حتى يَكمُلَ الصَّفُّ الأول، ولا يُشرع في الثالث حتى يَكمُلَ الثاني وهكذا |
أمّا بعد: فإنَّ تَسوية الصفوف وما يتعلق بها من إتمام الصّفوف وتراصِّها، وتَعديلها، وإتمام الصف الأول فالأول وإكماله، وسدّ الخلل ونحو ذلك، هي من المسائل الّتي أجمع عليها العلماء، واتّفق على مشروعيّتها الفقهاء والأئمة، وتواترت فيها الأدلّة النّقليّة والعمليّة، وليست ممّا يطرح للنّقاش ولا ممّا ينظر فيه للرّأي.
23وإن وقفت المرأة في صف الرجال للضرورة من زحام ونحوه وصلّت لم تبطل صلاتها، ولا صلاة من خلفها | والله أعلم، والرد إليه أسلم |
---|---|
وعن أنس — رضي الله عنه — أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "أتموا الصف المقدم ثم الذي يليه، فما كان من نقص فليكن في الصف المؤخر" 14 | صفة التخفيف المسنون:التخفيف المسنون في الصلاة هو الذي يصحبه إتمام الصلاة بأداء أركانها وواجباتها وسننها كما فعله النبي- صلى الله عليه وسلم-، وواظب عليه، وأمر به، لا إلى شهوة المأمومين، ولا صلاة لمن لا يقيم صلبه في الركوع والسجود، ولا لمن ينقر صلاته |
وابن حبان 2176 ، وأبو داود 662 ، وقال النووي: رواه أبو داود وغيره بأسانيد حسنة، والبخاري تعليقًا مختصرًا.