وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ ، وَمَرَّ بِقَوْمٍ: تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ ، وَمَرَّ بِقَوْمٍ: يُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ قَالَ: فَوَقَفَ ثُمَّ قَالَ: اللَّهُمَّ لَسْتُ أَعْرِفُ نَفْسِي هَهُنَا | كيفية تدبُّر القرآن ورد مصطلح تدبُّر القرآن في قول الله -تعالى-: أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللَّـهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا ، والتدبُّر سبيل المسلم للتفكُّر في معاني كتاب الله ومدلولاته، والاستجابة لِما تتضمّنه الآيات القرآنيّة من معاني الرحمة، والرجاء، وامتثال الأوامر؛ فإن قرأ المسلم آيةً تتضمّن عذاباً، استعاذَ بالله منه، واجتهد في تنفيذ ما أمر الله به، واستغفر لِما اقترفَه من الذنوب والمعاصي، وإن قرأ آيةً تتضمّن معاني الرحمة الربّانية، دعا رَبَّه أن يشملَه بها، وإن قرأ آيات استجابة الدعاء، اجتهدَ في مُناجاة ربّه، وتضرّع إليه؛ راجياً عَفْوه، ومغفرته، وإن قرأ آيات تمجيد الله، أو تنزيه، سبَّحَه، وعَظّمه، ووَقَّره |
---|---|
قد قرأ القرآن منهم كذا وكذا، فقلت: والله ما أحب أن يسارعوا يومهم هذا في القرآن هذه المسارعة، قال: فزبرني عمر، ثم قال: مه! أمورٌ تساعد على تدبُّر القرآن هناك العديد من الأمور التي تُعين على تدبُّر القرآن، ومنها: تلاوته ليلاً؛ إذ إنّ التلاوة في صلاة الليل تُساعد العبد على التأمُّل، والوقوف على المعاني، والمقاصد؛ لِما في الليل من هدوءٍ، وبُعدٍ عن مشاغل الحياة الدُّنيا، بالإضافة إلى حُسن الإنصات، والاستماع؛ لتحقيق الانتفاع بالقراءة، والاعتبار بما فيها من مواعظ، وحِكمٍ، ومعرفة كيفيّة البدء بالآية، والوقوف عندها؛ أي مراعاة أحكام ؛ للبحث عن أسباب الرَّبط بين الآيات، والتأمُّل في معانيها؛ فالجهل بالمعنى قد يكون سبباً في عدم التلذُّذ عند قراءة القرآن، والوصول إلى المُراد يُسهم فيه تدبُّر القرآن، فيقف عند المعاني كلّها، ويتأمّل ما فيها من أوامر، ونَواهٍ، كما أنّ تكرار الآية أكثر من مرّةٍ يُساعد في التدبُّر، وله أثرٌ في القلب، وتتحقّق به حلاوة الإيمان، بالإضافة إلى معرفة أساليب القرآن العديدة، مثل: الآيات المختومة ، والغاية من ذلك، واشتمال القرآن على أساليب التعليم، كضرب الأمثلة، والتشبيه بالمَحسوسات، ومن الأساليب القرآنيّة أيضاً: التذكير بأمر الله، وعَظَمة الخالق، والتشويق لِما أعدّه من أجرٍ وثوابٍ، والنَّهي عن السخرية والاستهزاء، وذِكر الخسارة التي يقع فيها من ارتكب النواهي، وعاقبته في الآخرة.
المقدم: جزاكم الله خيرًا وأحسن إليكم | وكيف لا يَسْتَشْعِرُ عَظَمَةَ القرآن مَنْ عَرَفَ أنَّ القرآنَ هو كلامُ الله تعالى، فإذا كان القرآنُ هو كلامُ اللهِ سبحانه فإنَّ فضلَ القرآنِ على سائر الكلام كفضلِ اللهِ تعالى على خلقه |
---|---|
فبه تنشرح الصدور ، وتستنير القلوب | وقد حَذَّر الله -جلّ وعلا- في كتابه من الأخذ بظاهر الآيات القرآنيّة، أو تعلُّق الأماني والأحلام به؛ فقد وصف الله -تعالى- حال الأُمَم التي تأخذ بظاهر الآيات فقط ولا تمتثل أوامرها بأنّها أُمَمٌ أمّيةٌ؛ لعدم عِلمهم، وفَهْمهم، وتدبُّرهم آيات الله؛ ولذلك حَذّر الله -تعالى- عبادَه المؤمنين من اتِّباع ذلك السبيل، بل أكّد على أهمّية الحرص على ، والتفكُّر حين الاستماع إليها، وتجنُّب قسوة القلب التي تحوُل دون تحقيق منافع التدبُّر؛ من قبول الذِّكر والمَواعظ، والخوف من الوعيد، والإنابة، والرجاء؛ قال -تعالى-: أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَن تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّـهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلَا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِن قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ فَاسِقُونَ |
قَالَ: فَمَا زَالَ يُقَلِّبُ الْوَرَقَ وَيَلْتَمِسُ حَتَّى وَقَعَ عَلَى هَذِهِ الْآيَةِ: وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلاً صَالِحاً وَآخَرَ سَيِّئاً عَسَى اللهُ أنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ، فَقَالَ: اللَّهُمَّ أنا مِنْ هَؤُلَاءِ.